مقالات

ابن المنهج

لو رسخت في مجتمعات الإسلام قضية بسيطة وأولية، ألا وهي أن فهمنا للنص هو ابن المنهج الذي نتبعه، وأن المنهج هو اختيار من متعدد، وبالتالي فالنتائج التي سنخرج بها متعددة، لقلت التوترات، والسؤال ما الذي يجعل ذلك صعبًا؟ لماذا تتعدد المذاهب الفقهية والعقدية رغم أن القرآن واحد؟ لماذا تتعدد أقوال المفسرين رغم أن اللغة واحدة؟ السبب بسيط، لأن مناهجنا مختلفة، وما ندخله من اعتبارات، يجعل المخرجات مختلفة، ثم ماذا؟ فذات الفقيه، والمفسر، والمتكلم قد يغير قوله بعد حين نتيجة إدخال اعتبار أهمله من قبل، وهذا يقودنا لأخطر أسئلة العصر، وهو سؤال المنهج، أو فهم الفهم.

إن التطاحن حول الأفهام استمر أمدًا طويلاً، تبادل الناس فيه الطعن في النوايا، والتكفير، والتفسيق، والتبديع، وآن له أن يكون مرشدًا لإشكالية الجهاز المعرفي.

تلك الوثوقية التي تحصنت بها الفرق، والمذاهب عبر قرون، وأنتجت المدافعين عنها، بدل الناقدين الباحثين، هي ما يجعل مواجهة تلك الأزمة صعبًا. إن منطق الوثوقية يقوم على أن “منهجي صواب”، واختلاف الآخرين هو نتيجة خلل مناهجهم، أو نواياهم، والحل هنا هو تصعيد التلاعن الشخصي، بينما حين نصعد بالسؤال إلى فهم بنية الجهاز المعرفي، تزداد مساحة التفهم، ونقترب من إنتاج اللحظة الفارقة بين التخلف، والتقدم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى