مقالات

الأوطان والظواهر الثلاث

الاستعلاء الذي يقود للاستعداء، والاستعداء الذي يقود للاستدعاء… تبدو عبارة متكلفة، لكنها عنوان لمقال قديم كتبته في ضوء ملاحظة ظواهر الاحتقانات الطائفية والعرقية وغيرها وآثارها المدمرة.

الاستعلاء هو شعور طرف اجتماعي بأنه متفضل على غيره وكامل في مقابل الآخرين الأقل حظاً، فيعطي لنفسه الحق في انتقاصهم عبر نسج القصص والنكات، وإضافة كل الشرور لهم، فكل شر خرج من تلك الفئة (الشيطنة التامة).

الاستعداء هو تحول الشكل الخفيف من الانتقاص إلى إقصاء اجتماعي وسياسي وإداري، وتزايل في التزاوج والسكن، وتحول تلك التصورات إلى معازل للمنبوذين حتى دون تسميتها، وتصاعد ذلك إلى لغة فعل للقوى الصلبة والقمع.

عندها تبدأ ظاهرة الاستدعاء، حيث يجد المهمشون أيادي الخارج الممتدة ظاهراً للعون، وباطناً لمساومة الدول والضغط عليها.

وما قيل هنا ليس اكتشافاً، ولكنه الواقع، فالمسألة تظهر في الداخل ثم يستغلها الخارج، ثم يتدخل الأجنبي بمختلف الحجج في شؤون الأوطان… فالكشف عن جذور الظاهرة هو صمام أمان للأمن الوطني.

الناس بطبيعتها تميل للتمايز والاستعلاء… شرق وغرب، أسود وأبيض، مؤمن وكافر، مبتدع… إلخ، ولكن تلك الخطوط الأولى تقود إلى كوارث لا حدود لها، لأنها تضع الناس في قوالب الأصل فيها التصادم.

من يشاركون في الاستعلاء والاستعداء غالباً غير واعين بالمآلات، وما تجلبه تلك السلوكيات من كوارث عليهم ولو بعد حين.

فمن عانى من العنصرية والإقصاء، سرعان ما يمارسها عندما تنقلب الأحوال ويمتلك زمام القوة، باعتبارها تعويضاً عما مر به، دون أن يدرك أن الزمن دوّار. ومن هنا يأتي قول الله عز وجل: (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال).

١الخلاصة: تأتي الفرص لكسر دورة الاستعلاء والاستعداء والاستدعاء، ولكن عدم الوعي بذلك القانون يقود لمسار دمار مغلق، يشارك فيه أغلب الناس دون وعي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى