مقالات

التحول المعرفي

هذا عصر لم تعد المشكلة في وجود المعلومة، فهناك الملايين منها، ولكن المشكلة في تنظيمها، والاستفادة منها، وهذا كلام ليس بجديد، ولكن تحقيقه مهمة صعبة، وإن لم تكن مستحيلة، فكلما كانت” الشخبطة الفكرية” السابقة على طلب التنظيم المعرفي أكبر، كلما كانت مهمة التعلم، والتنظيم أصعب، فهي حينها تقتضي عملية مسح، وكتابة، ومع المسح لا توجد ضمانات لإزالة كل ما يجب مسحه، فماذا بعد؟

تلعب عملية الطباع الشخصية من حسن الخلق، والصبر على التعلم، والتواضع قدرًا كبيرًا في نجاح عملية إعادة تنظيم المعرفة، فعملية التعلم بقدر ما هي عملية عقلية، فالعواطف، والانفعالات تلعب فيها دورًا كبيرًا. والتعليم الذي يستهدف إعطاء الإنسان مفاتيح قراره، يختلف جذريًا عن التعليم الذي يستهدف النيابة عن الفرد، ويرغب في وضعه تحت الوصاية، ومن دخل في نظام الوصاية، يستصعب عادة فكرة أن يصنع قراره مستقلاً.

الأفراد الذين طال مقامهم في نظام الوصاية نتيجة كثافة تخويفهم من استعمال العقل، وطرح السؤال، وتزويدهم بالإجابات المسبقة، عادة عندما تتم مساءلة تلك الإجابات يتملكهم الغضب، وهي مرحلة تزيد، وتقصر بحسب طباع الشخص، وتكوينه العصبي، والانتقال من التمكن من الإنسان إلى تمكين الإنسان، هو أشق مراحل التحول المعرفي المطلوب في هذا العصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى