مقالات

العنصرية.. من المسؤول؟


العنصرية تعني التمييز السلبي تجاه مجموعة بشرية ما لأسباب جهوية أو دينية أو عرقية أو طائفية أو لوضعية اجتماعية كاللجوء، كل ذلك حاصل في الاجتماع البشري.

أما الاختلاف بين البشر وتنوعهم هو سنة كونية، والإنسان حين يأتي للحياة لا توضع أمامه اختيارات مفتوحة إنما تلك معطيات كل منا يعيشها، وهي بذاتها ليست سببًا للعنصرية.

لكن تأتي المصالح الشخصية والسياسية فتحولها من خطوط طبيعية إلى خطوط صدام، وبالتالي عند تحوّل تلك الخطوط لمناطق صدام نسأل.. من المستفيد؟

مآسي لا تنسى

أشهر مآسي العنصرية التي شهدناها في عصرنا هي مأساة رواندا 1994 حيث قتل الهوتو الروانديين 80000 من الروانديين التوتسي في 100 يوم في مجازر يشيب لها الولدان على يد القادة المتطرفين، ومع ذلك الآن وبعد ثلاثة عقود طويت تلك الصفحة وتمت المصالحة على يد قيادات جديدة حولت البلد إلى نموذج للتعايش والنمو.


ها نحن أمام ساسة يفجرون الأوضاع وآخرين يداوون الجراح.

أفكار الاستعلاء تسكن كل مجتمع فتصبح فئات معينة محلًا للتندر أو الانتقاص وتحمل كل المثالب ويعزى لها كل فشل فهي شماعة جاهزة لتحميلها بأخطاء الساسة وعندها تظهر القيادات المتطرفة ويظهر الخطاب الشعبوي، فالتطرف وقادته هم بذور منتشرة تنتظر الظروف الملائمة للظهور.

حرب الوعي

ظاهرة العنصرية لا تزول من أي ثقافة ولا تنحل بالوعظ وتحتاج إلى حساسية اخلاقية عالية ووعي بميل الإنسان لها، ومن هنا تركز المناهج الدراسية والتشريعات على نزع بذورها من العقول.

وتلعب الأسر دورًا كبيرًا في تعزيزها أو محاربتها حيث يتلقى الطفل مفاهيمه الأولى ومشاعره من الأسرة، والأسر هي ذاتها امتداد لكل ثقافة المجتمع بما فيه العنصريات الموروثة.

ومن مفارقات الحياة أن من هو واقع تحت العنصريات في مكان يمارسها على غيره في مكان آخر.

تركيا مثالًا

لقد كانت أحداث تركيا مروعة ولكنها لم تكن غير متوقعة، فكل خمائرها متوفرة من ضائقة اقتصادية إلى صراع سياسي، مما يجعل اللاجئين ورقة سهل استخدامها في الصراع وهذا ما حدث ويحدث.  

الخلاصة: إن ملفًا شائكًا مثل هذا يحتاج إلى عمل وقائي مشترك بين ممثلي الأقليات وممثلي  الحكومة، لا أن يتم الانتظار إلى حين تفجر الأوضاع، هناك ضرورة لخارطة طريق تغير الحال من سياسة الالتحاق إلى سياسة الاستباق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى