المتجردون للحق
التجرد للحق ليس مهمة يسيرة، والذين يأمرون بالقسط من الناس عملة ليست نادرة، لكنها قليلة …، لكنهم صفوة الضمير الإنساني..
المتجردون للحق هم حلف الفضول غير المعلن: ( فَلَوْلَا كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍۢ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِى ٱلْأَرْضِ ..
فان كان الغرض الأسمى لإنزال الكتب السماوية، هو: ( ليقوم الناس بالقسط)، فهم التمثيل الأسمى لتلك المهمة…
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ )…
المتطرفون من كل دين، وملة لا يتمتعون بذلك الحس الأخلاقي..، هم قوم لا يعنيهم العدل، بل يشحنون بالعواطف، فتميل بهم حيث تم تلقينهم في محاضن التنشئة، فلا غرابة أن يرى الحق باطلا، والباطل حقا..
والمظلومون في الأرض ليسوا محصنين من داء التطرف ذاته، فقد يحملونه معهم عبر أجيال، وتساهم المظلومية في تفاقمه، وظهوره، كما نشاهد اليوم على مرأى، ومشهد من العالم…
والمبدأيون في الأرض ليسوا محصنين من داء التطرف، حتى من رفعوا شعار العدل يوما، كما في اليسار، والشيوعية، أو ثوار فرنسا …فباسم العدل ربما يتم اغتيال العدل…
لذلك فصنف: ( الذين يأمرون بالقسط من الناس)، بحق ليس أكثرية، لكن لولا وجودها لم يكن للإنسانية من معنى..
وشرط وجود تلك الفئة…، حساسية الضمير …، وقدرة على سبر الدوافع…، وقدرة على الوقوف في وجه التيار، والإشارة للظلم، بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف مع دين ومذهب، وطائفة ذلك المظلوم.