الممكن والعملي: بين الفكرة والتنفيذ

في علم المنطق، يُعرَّف الممكن العقلي بأنه كل ما لا يستحيل حدوثه عقلاً ولا يؤدي إلى تناقض منطقي، لكنه في الوقت ذاته ليس واجب الوجود دائمًا ولا مستحيلاً. على سبيل المثال، وجود كوكب مسكون غير الأرض هو أمر ممكن عقلاً، لكنه ليس بالضرورة واقعاً ملموساً.
أما الممكن العملي، فهو الاختيار الذي يمكن تنفيذه في ضوء قيود الواقع وإكراهاته. فليس كل ما يُعد ممكنًا من الناحية العقلية يصبح عمليًا بالضرورة في سياق التجربة البشرية. ومن يطالب الناس بتنفيذ أمر ما دون مراعاة الفجوة بين الممكن العقلي والتنفيذي، فإنه يبتعد عن الواقعية ويخاطر بالإخفاق.
كلما اتسعت المسافة بين الممكن العقلي والممكن العملي، زادت معدلات الإحباط والشعور بالعجز. ويبلغ العجز مداه عندما يدرك الإنسان ضآلة ما يتيحه الواقع مقارنة بما يتيحه الخيال، وهنا تظهر مشكلتان رئيسيتان:
- العزوف عن المساهمة ولو بالقليل، ظنًا بعدم جدواه.
- إهمال الاستعداد للمستقبل البعيد، لأن نتائجه لا تشبع رغبة الضمير العاجل في تحقيق إنجاز فوري.
لذلك، فإن المفتاح الأساسي للتقدم يكمن في البحث عن الممكن العملي وتنفيذه دون تأخير، إلى جانب التحضير طويل الأمد للمستقبل، لضمان بناء غدٍ أفضل.