مقالات

باعة المخدرات اللفظية

في الغالب لا تعجز أي أمة عن الردود النظرية، فالمناورات اللفظية تسمح بذلك، ولكن الذي يرهق الأمم، أن تتقدم بالردود العملية، وتقول: ها أنا ذا.

في أحيان كثيرة، تحتوي الردود النظرية للأمم الأقل تقدما، على قدر من الحقيقة، ولكن نظرا لطبيعتها الدفاعية، تخفي قدرا كبيرا من الحقيقة.

في ذلك الجزء المغيب من الحوار، تكمن حقيقة التخلف، وسر العلاج.

لكن مع تواتر النمط الدفاعي، يتولد شعور مضلل بالكمال، وتصبح آليات الدفاع جزءا من أسباب التخلف الأكثر خطورة من ذات التخلف، لأنها القيد عن مواجهة الذات.

لا يدرك كثير ممن يحملون راية الدفاع، أنهم لن يفلحوا في إقناع الخصوم، مهما حاولوا، ولكنهم غالبا سينجحون في إقناع المريض، بأنه لا يحتاج إلى علاج، فهو صحيح معافى، ولو أثبتت كل التحاليل الطبية أنه مريض.

عندها يستوي في نظر المريض الخصم المناوئ، والطبيب المعالج، فكلاهما يقدم قائمة بنواقصه، فكلاهما أهل للعداوة.

لذلك عودي المصلحون من أقوامهم عبر التاريخ، وتلقوا من الخصومة، ما لا يوجه للعدو الأصيل.

إن أسوأ ما تبتلى به أمة متخلفة، أن يكثر فيها باعة المخدرات اللفظية، ويقل فيها الأطباء المعالجون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى