فائض كلام
“الكتب الدفاعية” هي أشبه بالمنشورات الأيديولوجية، وكتب المناقب تفترض أن الدنيا ستنهار لو اعترف صاحبها بخلل الأيديولجيا أو نسبية الإنسان، وكل ما على المدافع أن يفعله، هو أن يؤكد سلامة ما بين يديه، وخلل ضمائر المعترضين.
وبما أن أوجه النقص، والقصور عند من يراها قائمة، لا تعالجها المنشورات الأيديولوجية، ولا المناقب، يبقى الاعتراض، فيعود مدافع آخر لكتابة منشور دفاعي، يكرر المنشور السابق، هكذا يصبح هناك (فائض كلام) من غير حركة للأمام..
الأمم التي تقدمت خوفها الأساس من الجمود، وعدم القدرة على المساءلة، وهي تعلم أنها لكي تبقى في سباق التقدم، تحتاج لمحرك النقد الذي لا يهدأ…
والأمم التي تخلفت، تؤمن بأن من العلوم ما نضج، واحترق، وأن كل نقاش، أو سؤال، هو شر مستطير، وهي تؤمن بالجمود كمركب للنجاة، وهيهات أن تنجو في سباق مفتاحه السؤال، والمعرفة المتجددة…
فمن دون أن ننتقل من مربع الدفاع إلى مربع معالجة الأسئلة، وتجديد الآسئلة باستمرار، لا سبيل لنا للعودة الحضارية، فذلك هو الشرط الأول للتقدم..