مقالات

قضايا العمق

ليست

إن دراسة بسيطة لمنظومات الأفكار والعلاقات والمشاريع عندنا في الفترة التي سبقت دخول الصليبين، سبقت دخول نابليون، سبقت احتلال الدول، ستعطينا الصورة الحقيقية التي أوجدت الاحتلال، وتبقى بعده، وتعيد إنتاج التخلف.

الاحتلال فاقم من أمراض المجتمعات، ولكنه لم يوجدها، فجذورها أعمق بكثير من لحظة حضوره.

ليست المشكلة في الاحتلال ابتداء، بل في عالم الأفكار والعلاقات والأشياء التي سبقت سيطرته… فالاحتلال هو ناتج للاختلال… وأمراض ما قبل الاحتلال لا تنتهي بخروجه، بل تتفاقم بفعله، وبفعل حامليها…

الاستبداد مثل الاحتلال يتهاوى في مسيرة التاريخ، وتنشأ فرصة… سرعان ما تتبخر نتيجة وجود المرض العميق؟؟!!

المرض العميق هو قائمة الأمراض الحضارية داخل بنية المجتمع من قصور النظرة للإنسان وكرامته، ومتطلبات الوحدة والعمل والوقت… وهذه تقود إلى غياب الكتلة البشرية العالمة والمتفاهمة على بناء وطن يتسع لمكوناته، والقادرة على تفعيل الأفكار الحية.

النجاح في إسقاط البنية الخارجية سواء للمحتل أو المستبد هي فرصة تاريخية، ولكن شرط الاستفادة منها هو صلاح البنية التصورية العميقة للنخبة، ومن وراءها المجتمع..

معالجة الأفكار العميقة مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، فقط تحتاج إلى الإيمان بأن المشكلة ليست في مظاهر السطح، إنما في قضايا العمق، وأن نستفيد من مدرسة الواقع في محاكمة نظرياتنا، بدل إعادة تدويرها بعد كل فشل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى