سلسلة الأنساق القرآنيةمقالات

نسق العمل الصالح

بعدما تحدثنا عن هذا الإنسان المخير المسير في آن واحد منذ لحظة خلقه إلى لحظة تكليفه، تحدثنا عن عيوبه وقدرته على الفساد وظلمه وجهله وحبه للمال والشهوات وعجلته …وتفيض في شرح جوانب قصوره… وتضع لنا ذلك المقابل الموضوعي الذي يجعله مختلف عن الحيوانات البهيمة، باعتباره كائنًا أخلاقيًا قابلاً للتعلم من أخطاءه، وأنه بتلك الاستعدادات يستطيع أن يرتقي إلى الجنان.

إذن رحلة الإنسان في الحياة الدنيا هي اختبار لاستعدادته الأخلاقية، ومن هنا يؤكد الوحي على قابلية الإنسان للخطأ، ويفتح له باب  التوبة. ويجعل له نظامًا خاصًا لاعتماد رصيده، فالحسنة بعشرة أمثالها إلى مائة ضعف، والسيئة بمثلها فإن تاب بدلت سيئاته حسنات، ثم يزين له الوحي ساعة الفوز في فرحة غامرة وانتظار النعيم المقيم حين يقول: ( هاؤم اقرأوا كتابه…) ويصور له ما ينتظره من عطاء: ( وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة…) .

هكذا يتم صهر الإنسان في الدنيا واختبار طاقاته النفسية ليستعد للجزاء الأعلى، ولكن كل ذلك مرهون بشروط ومقدمات.

فالفؤاد النقي الباحث عن الحق مسرح ضخم لتصفية النوايا، وتجديد العهد لمتابعة الحق أينما استبان. والعقل الذكي الذي يحسن معالجة ما تتلاقاه الحواس، فيضع كل شئ في موضعه فلا يقبل إلا ماقام عليه البرهان، ومتيقظ لمضلات العقل من متابعة من سبق لمجرد الألفة والكثرة، فالحق حق، وإن قل من يراه. والباطل باطل، ولو أجمع عليه الجمع الغفير. ذلك هو اعلان الإنسان الحقيقي عن حريته ومسئوليته عن مصيره.

هكذا يتضح الصراط المستقيم، ويتعزز برؤية نماذجه من استعداد آدم للتوبة، إلى تعلم ابن آدم من طائر يدفن أخاه، إلى كفاح نوح عبر تطاول الزمن لتبليغ الرسالة، إلى تمرد إبراهيم على مسلمات بيئته، إلى مواجهة موسى للطغيان، إلى داوود وعمل السابغات، إلى حكمة بلقيس، إلى يوسف ونفعه للخلق مسلمهم وكافرهم …رحلة كبيرة عنوانها نسق العمل الصالح كما يقدمه القرآن في وجه تقزم المفاهيم وانخفاض سقوفها، حتى لم يعد العمل الصالح الا ظلاً شبحيًا لتلك المفاهيم العملاقة. السياحة مع الأنساق القرآنية تخرجنا من حوض الأسماك الذي نحبس أنفسنا فيه إلى محيط الوجود الحي المسبح، فلنعم السياحة ونعم الثمرة.

هكذا يتضح الصراط المستقيم، ويتعزز برؤية نماذجه من استعداد آدم للتوبة، إلى تعلم ابن آدم من طائر يدفن أخاه، إلى كفاح نوح عبر تطاول الزمن لتبليغ الرسالة، إلى تمرد إبراهيم على مسلمات بيئته، إلى مواجهة موسى للطغيان، إلى داوود وعمل السابغات، إلى حكمة بلقيس، إلى يوسف ونفعه للخلق مسلمهم وكافرهم …رحلة كبيرة عنوانها نسق العمل الصالح كما يقدمه القرآن في وجه تقزم المفاهيم وانخفاض سقوفها، حتى لم يعد العمل الصالح الا ظلاً شبحيًا لتلك المفاهيم العملاقة. السياحة مع الأنساق القرآنية تخرجنا من حوض الأسماك الذي نحبس أنفسنا فيه إلى محيط الوجود الحي المسبح، فلنعم السياحة ونعم الثمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى