هل تعلمنا؟
العلم الذي لا تصحبه حكمة كارثة محققة..، والحكمة وضع الشئ في موضعه …، والحكمة والشجاعة والعفة أمهات الفضيلة، وما تحلت بها أمة، أو زاد نصيبها منها إلا سادت …، هذا من الواضحات فماذا بعد؟
في رحلة الحياة مر بي الكثير من أهل العلم، والقليل من أهل الحكمة …، أناس تركوا أثرا أخلاقيا من حسن التقدير والتعامل..، أناس لا تختلط عندهم الأمور، ولا يضيع عندهم الميزان، مهما اختلفوا مع الغير..
إذ التوازن النفسي والأخلاقي، لا يظهر إلا في المحكات العملية، وعند الخلافات..، وهو ليس مهمة يسيرة لأنه فعل تحكم في نوازع الشر، التي لا تخلو منها نفس بشر..
في السبيعينات، والثمانينات من القرن المنصرم بلغت موجات التلاعن، والسباب، والانتقاص مداها، وشاعت الكتب ذات العناوين المسجوعة في ذم هذا، وانتقاص ذاك..، وشاعت أشرطة الكاسيت في الردود، ومعارك التحزب، وانتهت الأمور إلى ما انتهت إليه، فماذا تعلمنا من ذلك؟
إن الأمم التي لا تتعلم من تجاربها، وتعدل من سلوكياتها محكوم عليها بمواصلة الفشل..، وحملة لواء الدعوات إما: أن يصبحوا رايات لطريق أخلاقي مطلوب، وإما أن يستمروا في تغذية الصراعات.
الصدق في النقل، والإنصاف في الحكم، والتثبت من الأخبار، والتماس الأعذار مهم، ولكن هناك ما هو أهم.
أهم قضية، وأخطر قضية، أن لا أحد يمتلك التفويض أن يكون المعبر الأوحد عن الحقيقة، وتطابق فهمه معها..، وبدون تثبيت هذا المعنى الأولي…، تسول النفس للإنسان أنه المعبر الأوحد عن مراد الخالق، ومن خالفه فقد خالف الخالق ..، وتلك هي أم الكوارث.