مقالات

التحدي أمام الإصلاح

سؤال يرد كثيراً: أنا في مجتمع ينتشر فيه الغش، والاحتيال وعدم احترام الكلمة والوعد والعهد، فكيف سألتزم القيم في مجتمع عنده أضدادها؟

قلت: وأزيدك من الشعر بيتاً، ماذا لو كان المجتمع يحفل بالمقولات المضادة للقيم…؟ كن فهلويا… ما ينجح إلا العيار… إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب..، تغد بهم قبل أن يتعشوا بك…، إذا ابتليت بظالم كن ظالما…، أنت لن تصلح الكون؟

قلت هكذا تبدأ قصة الرسالات، وقصص المصلحين…، مجتمعات تحفل بالفساد، وتشرعنه، وتحيطه بالحكم التي تسهل طريقه، ووجود كل هذا الفساد هو مبرر وجود المصلحين، لا غيابه!

(ان فرعون وهامان وجونودهما كانوا خاطئين)…( اذهبا الى فرعون إنه طغى)… (إن ابراهيم كان أمة) (إن هم إلا شرذمة قليلون)… (ما نراك اتبعك إلا الذين هم آراذلنا).. هكذا يظهر الفساد، ويظهر التحدي أمام الإصلاح!

كم فاسد مزود بالقوة، وقلة مصلحة تحتاج إلى زاد، وآن تتغلب على ضغوط الكم الفاسد في تحويلها ألى مساره…، والقرآن يقدم لنا هذه القلة التي تعرف دورها، وتعرف نوعية الضغوط، وتستعد لتقديم النموذج من ذاتها .

قلت للسائل: إن إدراك أصل المعادلة تاريخيا هو ما يقيك سؤال: (المجتمع فاسد فكيف ألتزم الصلاح)!

التزام الصلاح هو خيار قاس يحتاج إلى الكثير من الوعي، والكثير من الإيمان بوعد الله، والكثير من العمل…، والكثير من الدعاء بالثبات.

 الشباب الراغب في النهضة، والذي يرى ظلمات الواقع، عليه أن يعلم أن مهمته في ثلاث، وتحدياته في واحدة؟

مهمته: رحمة بالعالمين (رغم الفساد)، وإتمام مكارم الأخلاق (برغم جهد الواقع لنقضها)، وإشاعة العدل الكوني (برغم الظلم الكوني)، أما تحدياته: فهي أنه اختار طريقاً له كلفة، وهو سعيد بتحملها، ومستعد أن يكون وحده أمة إن لزم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى