الحرية بين الحقيقة والوهم
الحرية ببساطة، هي تحرّر الإرادة من قيودها، سواء كانت مادية أو معنوية. وأي شيء يمنعنا من تحقيق ما نرغب به يُعتبر قيداً.
لكن هل يوجد كائن بشري أو مجتمع أو حتى حكومة خالية تماماً من القيود؟
الإجابة في هذا السياق هي لا. فجميعنا دون استثناء، نواجه قيوداً تحدّ من قدراتنا وتُعيق تحقيق رغباتنا.
لكن حديثنا ينصب على حرية شعب ما مقارنة بغيره من شعوب الدنيا وحرية أمّة ما مقارنة بحريات أمة أخرى..
فما الذي يحدد تلك الحرية؟
الحرية والإعلام
ليس من الصعب الإجابة على هذا السؤال، فإنفاذ الإرادة مرهون بالقوة، والقوة بوجه عام، تُعرف بقدرة الفرد أو الجماعة على التأثير على الآخرين وفرض إرادتهم. وتتنوع مظاهرها وتتعدد أشكالها، من القوة الصلبة إلى المعنوية إلى المالية.
وكل نوع من هذه القوى له تأثيره الخاص على سلوكيات الأفراد والمجتمعات.
فالقوة الصلبة على سبيل المثال، تُمكّن الفرد أو الجماعة من فرض سيطرته على الآخرين من خلال التهديد أو استخدام القوة المادية.
أما القوة المعنوية، فتُمكّن الفرد أو الجماعة من التأثير على سلوكيات الآخرين من خلال الأفكار والقيم والمعتقدات.
وأما القوة المالية، فتُمكّن الفرد أو الجماعة من التحكم في الموارد والفرص، ما يعطيهم نفوذاً على الآخر
ومن بين هذه القوى اليوم توجد شبكة المعلومات التي تربط العالم وتوجه الفكر فيه، ومنها شبكة الإعلام والتوجيه والتي تتنافس عليها أمم الأرض; لأنها القوة الخفية التي توجه العقول وتحقق الأهداف دون عناء، فلكل أمة اليوم دولة تمتد في شبكة المعلومات تستهدف وعينا ولها شعبها في الإنترنت، فنحن مطاردون من شبكة رأس المال والتسليع إلى شبكة السياسة والتسييس إلى شبكات المتعة وتوابعها.
ما الطريق للحرية؟
أما حرية الدول فتزداد بامتلاكها لناصية العقل والعلم والتقنية وحسن الإدارة، وأما حريتنا كأفراد فهي تتحدد بقدر وعينا بالتفكير النقدي وممارسته.
يعطينا التفكير النقدي حارسًا على بوابة العقل يطالب المفاهيم بالتعريف ويطالب الادعاءات بالبراهين، فكلما نمت معرفتنا وتطورت قدرتنا على نقد أفكارنا وتصويبها ونقد ما يعرض علينا وتصويبه أصبحت حريتنا أوسع.
الخلاصة: تنمية العقل والوجدان الأخلاقي هي طريق الحرية الوعر والباقي نتائج وأعراض.