مقالات

بيئات العرب

حين ترتحل في بلاد العرب، تستطيع أن تعرف الكثير عن البيئة الثقافية العامة من طريقة تحدث الناس في الجلسات، وبها تستطيع أن ترى نمط الشخصية المشتركة لعموم الحياة عندهم.

هناك مجتمعات أهلها يدخلون في الموضوع مباشرة، دون تمهيدات طويلة، ويقولون رأيهم، ويختلفون، ويتفقون، فتعرف أن البيئة العامة فيها درجة من السعة، تسمح بحرية التعبير، والثقة في النفس.

هناك بيئات على النقيض يبدأ المتحدث بتحوطات سياسية، تبدأ بتمجيد السلطة أيا كانت، ويلتفت يمنة ويسرة، فتعرف أن أفق الحرية ضيق، وأن الناس في خوف..

وهناك البيئات التي يبدأ المتحدث بمقدمة دينية، واعتذارات طويلة للمشايخ، والعلماء، ويطلب أن لا يُساء فهمه، وأنه مقدر للسابقين سابقتهم، فإذا تحدث التفت في عيون البعض حتى يضبط العبارات أكثر…، فتعرف أن البيئة محكومة بتابوهات على الجميع أن لا يقربها، وإلا وجد الإقصاء.

وهناك بيئات أصحابها يمتلكون الجرأة، ولكنهم لا يدخلون في الموضوع إلا بعد ذكر أسماء كتب، وفلاسفة، وتصبح المقدمة محاضرة، فلا تعرف بعدها ماذا كان موضوع الحديث، فتعرف أنها بيئة يكتسب الإنسان فيها وجاهته من كم من يعدهم من الفلاسفة، وأطروحاتهم..

أخيرا، هناك البيئة الصامتة التي لا ينطق فيها أحد، فتعرف أن المجتمع لا يثق بعضه في بعض، فالكل في رعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى