مقالات

يا شقيري بدنا سلاح

في بداية الستينات كنا في الابتدائية، لم نكن نعرف شيئا عن العالم، ففلسطين حاضرة في خطب الصباح دوما… ونحن نتلقى كل شئ بعيون مدرسينا… وذات يوم أخرجونا بالباصات إلى استاد الدوحة يومها وراء المعهد الديني في السوق، انتشرنا بنظام في الملعب أمامنا المدرسين…يوم احتفال!

لا أذكر من كل ما جرى سوى الهتاف الذي كان يردده المدرسون، ونردده خلفهم: (يا شقيري بدنا سلاح)، لم نكن نعرف من الشقيري، ولا حتى السلاح حينها، ودار الزمن دورته..

كبرنا مع أوجاع فلسطين، ونحمل همها، ومنذ ذلك التاريخ، انتصرنا معنويا في كل معاركنا، وبينّا أن العدو مهزوم، وباستمرار كان هناك خوف من إعادة إنتاج أسئلة حقيقية على الذات تحول النصر لنصرين: مادي ومعنوي..

التوازن النفسي والمعنويات مهمة على أن لا تتحول إلى مخدرات، تمنع طرح مستلزمات تحقيق جانبي النصر المادي والمعنوي، وشروط إنتاجهما..

لكن حين كنا صغاراً لم نكن نعرف المتطلبات، وحين كبرنا زدنا عليه، أننا لا نريد تحمل مستلزمات تلك المتطلبات..

من الستينات الى الآن مرت ستة عقود، لا واقع النتائج تغير، ولا نحن غيرنا المقاربة.. ما زلنا نقول نفس الكلام، ونشاهد نفس السيناريوهات، ونحصد ذات النتائج، فلم تكن مشكلتنا من هتافنا الأول هي تحضير السلاح، بل معرفة صناعته وتطوير عقلية من يقف خلفه، والمجتمع الحاضن له قيميا ومفاهيميا…

فالنصر هو ثمرة الفوز على عناصر الضعف في الفكر، والسياسة، والاقتصاد، وبناء الإنسان، والعلم، والصناعة، والإتقان، وبعدها الباقي تحصيل حاصل …فلا تسقط لنا راية، ولا يهان لنا مقدس، ولا يمتهن عندنا إنسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى