كتب

الفلسفة

لقد كانت رحلتي مع هي الكتاب الفلسفي رحلة مع الذات، أحاول فيها اكتشاف بنية الأفكار التي أحملها في مرآة التجربة الإنسانية الكونية. لم تكن رحلة سهلة، فالفلسفة محاولة التواصل عبر اللغة، واللغة تحوي الكثير من الغموض، خاصة في بعض الكتابات الفلسفية، لكن محاولة الغوص تحت سطح الغموض في تلك اللغة متعة في حد ذاتها، فمع كل كشف جديد تتكرر المتعة، وتنكشف الأفكار الذاتية في مرآة أفكار عمالقة الفكر الإنساني. ذلك ما أتمناه لقارئ هذا الكتاب في رحلته مع الفلسفة، هي فرصة للنظر للذات في مرأة الآخر والغوص عميقا في كل مساحات الفكر وأسئلته العميقة، رحلة لا تعادلها أي سياحة، ومغامرة كبرى تتم في مسرح العقل، لا يعرفها إلا من غامر بدخولها، وأجل أحكامه ليفهم أولا ثم يتفكر .

ما حاجتنا للفلسفة اليوم؟

من سؤال يطرحه نوعان من الناس الأول: شخص متدين يرى أن هناك تعارضاً بين الفلسفة والدين، وتم إقناعه بذلك التعارض، وترهيبه من الاقتراب الفلسفة، فهو لا يعرف معناها ولا محتواها، لكنه أقام حاجزا من الحوف صعب الاختراق، وهو حين يسأل لا يريد أن يعرف الإجابة، بل هو يقدم سؤاله ليس على سبيل الاستفسار ، ولكن على سبيل الإنكار، فهذا أقام حول نفسه سورًا من الخوف والأفضل تركه فيه، فمن كانت تلك طبيعته النفسية والعقلية، تشكله البيئة ولا يُشكلها، وطاقته العقلية لا تسمح بعبور دائرة البيئة التي ولد فيها، فالأفضل تركه لها.

وهناك صنف آخر تراوده نفسه أن يقرأ في الفلسفة، لكنه قلق بسبب كثافة الهجوم على الفلسفة في البيئات المحافظة، أو أنه استمع لشخص تشوشت أفكاره، فخاف مصيره، أو أنه فعلا لا يعرف جدواها العملية بالنسبة له، فيخاف من إنفاق الوقت فيما لا طائل منه، أو أنه الأحسن مسترشد يريد أن يسلك في الفلسفة برفق، حتى يكوّن له رأياً فيها، أو يضيفها لدائرة وعيه العام فتضيف له قوة معرفية فلهذا نقول في إجابة «ماذا تفيده الفلسفة اليوم؟» الأمور التالية:

تحت كل اهتمامات الإنسان العميقة وظواهر المجتمع المركبة توجد فلسفة، سواء تم ذلك بوعى أو دون وعي، فالفلسفة هى ما يعطي المعنى الناظم لسلوكنا في الحياة، وهي أداة التحقق من ادعاءات الإنسان الكبرى. وقراءة الفلسفة تعين الإنسان من جانبين: الأول: قدرته على فحص أفكاره الذاتية العميقة، واختبارها في مواجهة أفكار البشر عبر التاريخ، والثانية: معرفة أوجه الاختلاف فيما يطرحه الناس حوله من أفكار عميقة، فأحاديث الناس المباشرة في مجالسهم، وغير المباشرة عبر ما ينتجونه من مادة إعلامية على وسائل الاتصال شتى لا تعدو حديثا عن المعرفة أو العلم أو العقل أو الدين أو الأخلاق أو السياسة أو النص أمهات قضايا الفلسفة، ومن تمرس في الفلسفة يعرف حدود الأفكار، فتعظم فائدته لنفسه ولغيره، ونقل تعصبانه، ويرى العالم واسعا بسعة أفقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى